• اخر الاخبار

    12/20/2016

    منظمة "أرغينيكون" السرية الوادي الأسطوري للدولة العميقة بتركيا

    Turkey-Deep-stat-ergenekon , العلبة السوداء (ضد الماسونية)

    #العلبة_السوداء-في تركيا، هذا البلد ببحاره وجباله وديانه وغاباته وأزهاره وشلالاته المائية، هذا البلد الذي يضم آثاراً من مختلف الثقافات والأديان الذي تتجاور فيه الكنائس والمساجد بجانب القلاع والحصون والقصور التي شيدها البيزنطيون والعثمانيون؛ هذا البلد جوهرة انبثقت عن حضارة غريبة وإن كانت فريدة، حضارة هي مزيج من ثقافات متعددة. ومع هذا، فوسط هذا البلد يريد المخربين ان يصنع جحيماً يطال الجميع.

    الموت والقتل والاغتيالات والحرائق والقنابل والمكائد السياسية والعنصرية والصراعات الدينية والتنازع حول السلطة وغياب القوانين تؤدي دوماً إلى معاناة فظيعة. إن الجحيم التركي يشبه الجحيم الذي عايشه الإيطاليون منذ فترة ليست بعيدة واكتووا بنيرانه المستعرة.

    وادي الانقلابيين :

    حتى نفهم ما يحدث الآن في تركيا يكفينا أن نتذكر المجموعة الإيطالية السرية "بروباغندا 2" P2 – تلك المنظمة التي شاركت في السبعينيات والثمانينيات في اغتيالات ومحاولات انقلابية وأعمال إرهابية والتي كان من أعضائها عدد من الشخصيات المرموقة من المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية وجهاز المخابرات.إرغينيكون تسلك في تركيا حالياً سلوكاً مشابها لتلك المنظمة. تحمل إرغينيكون اسم الوادي الأسطوري حيث وجد الأتراك – وفقاً للأسطورة – ملجأ خلال هروبهم من وسط آسيا.
    وحسب التحريات فإن في صفوف أولئك المتآمرين أعضاء من الجيش والقضاء والجهاز الإداري وكذلك شخصيات من الدوائر الاقتصادية والإعلام، وقد حاولوا بوسائل إرهابية استفزاز الجيش ليقوم بانقلاب عسكري يطيح بنظام الحكم. وكان مخططاً لذلك الانقلاب عام 2009.

    منذ يناير (كانون الثاني) 2008 أطلقت النيابة العامة حملة ضخمة أدت إلى إلقاء القبض على جزء كبير من أعضاء التنظيم السري. ومنذ العشرين من أكتوبر (تشرين الأول) 2008 والمتهمون الذين يزيد عددهم عن الثمانين – ومن بينهم ضباط سابقون ومحامون وصحفيون – يقفون أمام القضاء، غير أن عدداً كبيراً من أعضاء التنظيم السري ما زالوا يعيشون أحراراً طلقاء.

    من هي “أرغينيكون” ؟

    شبكة “أرغنيكون” هي منظمة سرية يُرجح أنها تأسست عام 1999؛ وتزعم بأن أهدافها المحافظة على علمانية الدولة التركية؛ وتُتهم بالقيام باغتيالات وتفجيرات في عدد من المدن التركية؛ ومحاولة الانقلاب على حكومة حزب العدالة والتنمية في عامي 2003-2004. وقد اعتبر القضاء التركي منظمة أرغنيكون منظمة إرهابية بعد تحقيقات استمرت 6 أعوام وشهرين؛ إثر اكتشاف 27 قنبلة يدوية في أحد المنازل في القسم الأسيوي من مدينة إسطنبول في حزيران/يونيو 2007.

    يتصل ملف منظمة “أرغينيكون” بطبيعة الدولة التركية نفسها.و تعد “أرغينيكون” تنظيما واسعا جدا، وهو اشبه بدولة داخل دولة، أو مجتمع داخل المجتمع وترتبط بعض خيوطه بالموساد الإسرائيلي، وتفيد التقارير بان “أرغينيكون”، تعمل من خلال مجموعة نشاطات، وممارسات، وخلايا، بحيث تمثل قوى داخل الدولة العميقة وتقوم بهذا العمل هنا أو هناك عبر هذه الجهة أو تلك، من دون أن تكون هذه الجهات تنسق فيما بينها، وتعقد “أرغينيكون” اجتماعاتها بين الحين والاخر. بمعنى انها ليست منظمة بالمعنى الحزبي، بالمعنى البنيوي لكلمة المنظمات. وممكن أن تكون جهة ما داخل الدولة تقوم بأعمال تكلف بتنفيذها هذه المؤسسة مرة، ثم تكلف فئة أخرى مرة ثانية، للقيام بعمليات اغتيال أو التخطيط للانقلاب على الحكومة.

    فخلال عامي 2004 ـ 2005، مثلا، اكتشفت محاولتي انقلاب على حكومة أردوغان، من جانب مجموعة من الضباط يطلق عليهم إسم “الضباط الشبان”. وقد علم بهما رئيس الاركان حلمي اسكوك ـالمعروف عنه بأنه من أكثر رؤساء الأركان الأتراك الاكثر ديمقراطية وانفتاحا ـ وحال دون أن يمضي “الضباط الشبان” بمحاولتهم، وأن يأخذوا طريقهم للتنفيذ. ومنع حصول محاولتي الإنقلاب.

    وتسعى “أرغينيكون” وتعمل ضد دخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي، وذلك من منطلق تعصبي قومي، ومن منطلق الحفاظ على هذه المنظومة الاستبدادية الموجودة. وتشير التقارير إلى أن المنظمة كانت ترتكب أعمال قتل لعلمانيين ومن بينهم الصحافي المشهور أوغور مونجو، من أجل توجيه الإتهام للإسلامين، وتأليب الرأي العام على الاسلاميين “الذين” يقتلون ويذبحون في العلمانيين، في حين أن معظم هذه الجرائم كانت المنظمة وراءها.
    ينتمي لشبكة “أرغينيكون” رجال لهم خيوط ليس فقط في الجرائم مجهولة الفاعل بل في عدد كبير من الأحداث التي كانت تشهدها تركيا، من تظاهرات، وضغوط على القضاة

    ممَّ تتكون؟

    “أرغينيكون”، مصطلح تركي يشير الى اسطورة تركية تعكس النزعة القومية التركية منذ أن كان الاتراك في آسيا الوسطى، قبل أن يأتوا الى الأناضول. وبالتالي هذه المنظمة تتكشف كما يلي: أولا، تضم في عدادها جنرالات عسكريين، أي أن هناك أفراد ينتمون الى المؤسسة العسكرية سواء كانوا حاليا في الخدمة أو متقاعدون. في هذه المنظمة أبرز وأرفع الجنرالات. أحدهم كان قائدا لجيش إيجة، وأحدهم كان قائدا للقوات البحرية، وآخر كان قائدا عاما للدرك، يعني هؤلاء من مواقع عسكرية عالية جدا ومرموقة.

    وينتمي لشبكة “أرغينيكون” رجال لهم خيوط ليس فقط في الجرائم مجهولة الفاعل بل في عدد كبير من الأحداث التي كانت تشهدها تركيا، من تظاهرات، وضغوط على القضاة. وينتمون هؤلاء الرجال إلى: الاستخبارات التركية، قطاع الصحافة، مسؤولين في غرف الصناعة والتجارة، فنانين، وباحثين، ومفكرين وصولا الى رؤساء جامعات تركية أيضا. كما تجد فيها عددا كبيرا من منظمات المجتمع المدني، ومن قطاع الطب كذلك.

    وتعد “أرغينيكون” تنظيما واسعا جدا، وهو اشبه بدولة داخل دولة، أو مجتمع داخل المجتمع، اذ يضم أطياف من جميع الفئات الاجتماعية. هذه المنظمة تعكس حالة سياسية، حالة اجتماعية، أكثر من أن تكون منظمة. وهذه المنظمة تعكس حالة عامة واسعة متعددة متشعبة، أكثر من أن تكون مجرد تنظيم تقليدي له هيكلية معينة، وله بعض الأعضاء.

    وتتكون هذه المنظمة، بغالبية عظمى من المنتمين لها من العلمانيون المتشددون، وهم معادين للاتجاهات الاسلامية، ولديهم نزعة قومية متشددة، ولهم امتدادت أيضا في قبرص التركية. ويرى محللون بان “أرغينيكون” لم تكن لتنشط وتستمر ما لم تكن مدعومة من قوى اساسية من الدولة التركية أو التي تسمى بقوى الدولة العميقة، التي يعبر عنها بشكل أبرز وأوضح المؤسسة العسكرية والقيادات الامنية، وجزء من المؤسسة القضائية.

    ماذا تعني “أرغينيكون”؟

    كلمة “أرغينيكون” مرتبطة في الذاكرة التركية بأسطورة “أرغينيكون” التي تقول: إن الأتراك حين انهزموا قبل آلاف السنين في موطنهم الأصلي بآسيا الوسطى لم يبق منهم إلا عدد قليل، وبحثوا في قمم الجبال عن مكان ليختفوا فيه عن أنظار أعدائهم وسلكوا درباً ضيقاً تستخدمه الحيوانات المتوحشة ووصلوا إلى وادٍ محاط بالجبال الشاهقة وسكنوا فيه وسمَّوا ذلك المكان “أرغينيكون” وظلوا هناك حوالي أربعمائة سنة وتكاثروا خلالها حتى ضاق بهم المكان ولكنهم لم يجدوا المدخل الذي دخل منه أجدادهم قبل سنين ولم يعرفوا كيف يخرجون من الوادي واقترح عليهم حدَّاد إذابة معدن الحديد الموجود في الجبل بإشعال نيران ضخمة، وهكذا فتحوا نفقاً في الجبل وخرجوا من “أرغينيكون” وانفتحوا على العالم وأسسوا دولة كبرى. وفي رواية أخرى، أن ذئباً أغبر ظهر لهم وأرشدهم إلى طريق الخروج.

    اقتفاء آثار عملية "غلاديو"

    في الصحافة التركية يشبِّهون إرغينيكون في بعض الجوانب بـ"غلاديو". كان ذلك التنظيم السري شبه العسكري تابعاً للناتو والمخابرات الأمريكية والبريطانية، وكان يمارس نشاطه خلال الحرب الباردة – منذ عام 1950 وحتى 1990 – في أوروبا الغربية واليونان وتركيا. كان على خلايا "غلاديو" في حالة قيام جيوش حلف وارسو باحتلال الدول الأوروبية الغربية أن تقوم بأعمال قتالية وتخريبية.

    على نمط "غلاديو"تأسس تنظيم إرغينيكون كدولة داخل دولة، غير أنه تحول بمرور الوقت إلى تنظيم قومي معاد للغرب ومعاد للقوى الأجنبية التي – كما يزعمون- تريد تقسيم تركيا، كما أنه معاد للانفصاليين الأكراد والمثقفين الأتراك الذين يقدمون – في رأيهم - يد المعونة إلى الأعداء. تبلور الشكل القومي للتنظيم في البداية عندما قام جزء من الأكراد برفع أصواتهم للاعتراض على ما يتعرضون له من قمع من جانب الدولة، وبعد انسحابهم إلى الجبال معلنين الكفاح المسلح. منذ ذلك اليوم بدأ كفاح إرغينيكون ضد الأكراد أيضاً.

    وتوجه النيابة العامة إلى التنظيم اتهامات بالقيام بجرائم جسيمة لم يتم الكشف عن المخططين لها حتى اليوم. وتحوم الشبهات حول تنظيم إرغينيكون بالتورط في اغتيال ثلاثة مبشرين مسيحيين في مالاطيا في عام 2007، وكذلك بقتل الصحفي الأرمني هرانت دينك والهجوم بالمتفجرات على صحيفة "جمهوريات".

    “أرغينيكون” وإسرائيل :

    يشير الباحثون، الى انه لا وجود لرابط بنيوي مباشر بين موساد اسرائيل وبين “أرغينيكون”، ولكن بالتحليل السياسي وليس بالمعطيات، يمكن القول بأن الموساد مستفيد بالكامل من الرؤية السياسية التي كانت تتحرك بها هذه المنظمة، لأنها كانت تستهدف بشكل أساسي الاسلاميين. وبالإشارة لمشاركة الضباط الشبان ومحاولة الانقلاب، قيل وفي أحد ملفات التحقيق أنه كان هناك تشجيع من موساد الإسرائيلي لكي تتولى “أرغينيكون” اغتيال رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان (عندما كان في رئاسة الوزراء)!

    وينسب إلى “أرغينيكون” عددا من العمليات التي حصلت بدءاً من مطلع تسعينيات القرن الماضي. وكانت تستهدف مجمل الفئات التي تعارض الدولة العلمانية في تركيا، أو تعارض سيطرة العسكريين على السلطة، وبالتالي تعارض علاقات تركيا مع الغرب، وعلاقات تركيا مع اسرائيل. ويشير المحللون إلى انه ومن هذه الزاوية يمكن القول إن الموساد مصلحة أو منفعة من هكذا ممارسات منسوبة إلى “أرغينيكون”. خصوصا، وأنه حسب التحقيقات كانت هذه المنظمة جزءا أو تحت سيطرة او تشجيع الدولة العميقة في تركيا.
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 التعليقات:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: منظمة "أرغينيكون" السرية الوادي الأسطوري للدولة العميقة بتركيا Rating: 5 Reviewed By: Saad
    Scroll to Top