صدق او لا تصدق، في كل يوم يحدث لنا نوع من انواع غسل و اختراق الدماغ. حتى لو لم تقم حكوماتنا بغسل ادمغتنا، فإن الإعلام يعمل على ذلك دون توقف. فقط اجلس قليلا و استرخ و فكر في كل شيء يدور من حولنا في العالم و كيف تقوم وسائل الإعلام بإيصاله لنا. لكن قبل ذلك دعونا نعرف ما المقصود بغسيل الدماغ؟؟؟
يعتبر غسيل الدماغ هو كل تأثير خارجي ممنهج من قبل شخص او مجموعة من الاشخاص هدفه التعديل والتلاعب في الأفكار والآراء للفئة المستهدفة لتتوافق مع آراء و أفكار و معتقدات الشخص او المجموعة التي تسعى لذلك.
تتم هذه العملية عن طريق التلاعب بالعقل البشري من خلال العديد من الاساليب و الطرق التي تستخدم في العادة في التعليم وايصال المعلومات, كما يمكن ان يتم استخدام اساليب و تقنيات الهندسة الإجتماعية والتي تعتبر فن وعلم اختراق العقول.
هذه العملية تتم على فترة طويلة من الزمن وبشكل تدريجي بحيث يتم تزويدك بالمدخلات المراد ترسيخها في دماغك بشكل تدريجي وايهامك بأن هذه الأمور هي نفس الفكر الخاص بك. حيث ان الهدف الرئيسي لغاسل الدماغ هو ان لا يدعك تفكر ابدا او بمعنى آخر ايقاف المعالج الموجود في رأسك (دماغك) عن العمل و اعادة برمجته وهندسته.
دعونا نأخذ مثالا على نوع من انواع غسيل الأدمغة التي تحدث لنا يوميا بواسطة وسائل الإعلام, حيث تعتبر شركات الإعلانات و المحطات الإخبارية الكبيرة واحدة من اكبر الجهات التي تعمل على غسل ادمغتنا. تعمل هذه المحطات الإخبارية الكبيرة ومن خلال الأخبار التي تقوم بعرضها بشكل مستمر بتغذيتنا و اقناعنا بالآراء التي تسعى اليها. يمكهنهم مثلا اقناعنا بأن المنتج الفلاني هو افضل منتج من هذا النوع بالرغم اننا لم نقم بتجربته حتى نعرف بأن هذا المنتج هو افضل من غيره ام لا.
تقنيات غسيل الأدمغة :
هنالك العديد من التقنيات و التكتيكات التي تستخدم في عملية غسل الأدمغة, الا ان الجزء المضحك في الموضوع انك ستجد بأنها تستخدم معك و بشكل يومي, ومن هذه التقنيات :
- شجع على الكسل و عدم التفكير : يعتبر تشجيع الكسل للأشخاص اول و أهم تكتيك من تكتيكات غسل الادمغة لأنه يمهد الطريق للتكتيكات الأخرى.
- تلاعب بالخيارات بحيث تكون النتيجة ماتريد : بحيث يتم خلالها اعطاء الفئة المستهدفة مجموعة من الخيارات مع التأكد بأنه مهما كان الإختيار الذي سيقومون بإختياره فإنه سيعطي نفس النتيجة المرادة وهي طريقة جيدة لمعرفة ما يجول في اذهان المستهدفين. فمثلا لو اردنا ان نعرف اذا كان شخص ما مهتما بالتقنية ام لا؟ فبدل ان نسأله هل تحب التقنية؟ سنسأله السؤال بطريقة اخرى, فعلى سبيل المثال سنقوم بسؤاله: هل تحب استخدام الفيسبوك ام تويتر؟ هل تحب التعامل مع ال ipad ام samsung note وهكذا. وعند القيام بهذه العملية بشكل متكرر فإن الشخص المستهدف سيعتقد بأن لديه كامل حرية الإختيار مما يمهد للتكتيك التالي.
- كرر العبارات و الأفكار بشكل مستمر: يعتبر التكرار هو المفتاح الرئيسي في عملية غسيل الأدمغة, فكلما تم تكرار معلومة ما امامك فإنها و مع مرور الزمن ستتركز في دماغك لا سيما اذا كان هنالك بوادر ولو بسيطة عندك لذلك. فمثلا لو تم اخبارك من شخص ما بأنك تبدو شاحب و يبدو عليك المرض, في البداية لن تصدق ذلك ولكن مع تكرار هذا الأمر فإنك ستبدأ تصدق هذه الفكرة.
- التركيز على الجانب العاطفي : تعتبر العواطف من اسهل و ابسط الأمور التي يمكن التلاعب بها خصوصا اذا كانت مرتبطة مع مشاعر الحزن او الفرح. فمثلا يمكن ان تشعر الشخص بمشاعر الخوف والرهبة من القيام بأمر ما لا تريده ان يقوم به, مما يؤدي الى توجيهه للفكرة التي تسعى الى تحقيقها.
- ازالة الوعي الذاتي و المسؤولية : يتم ذلك بأن تجعل الناس يعتقدون بشكل دائم بأن أي شيء يقومون به هو امر خاطيء و نتائجه خاطئة, وجعلهم يعتقدون بأنهم عاجزون عن القيام باي شيء بدون الإستعانة و طلب المساعدة من الآخرين, لأن الحرية و الإستقلالية تولد الإرادة و الإبداع و التي بدورها تلهم صاحبها بالتمرد.
- استخدام براءة الأطفال و الشخصيات العامة في الترويج : حيث ان استخدام الأطفال في الترويج لفكرة معينة و ذلك للإستفادة من برائتهم و كذلك استخدام الشخصيات العامة مثل الدعاة و الممثلين يعتبر من التقنيات الشائعة في غسل الأدمغة.
- تغذية الافكار بشكل مكثف و بسيط : حيث ان عملية تغذية الأشخاص بأفكار معينة تتم بواسطة وضع هذه الأفكار بشكل مجزأ داخل مجموعة كبيرة من المعلومات و ذلك لتوطيدها لديهم بشكل غير ملاحظ.
- اشعار المستهدف بالخوف و القلق : ان ايهام الاشخاص و جعلهم يعتقدون بأن العالم سينفجر و سيتدمر في اي لحظة من اللحظات هو نوع قوي من انواع السيطرة على الأشخاص والتحكم بهم.
هذه التقنيات كما ذكرت تستخدم معنا بشكل مستمر و يومي و من أكثر من جهة, سواء الحكومات او المحطات الإخبارية او شركات الإعلانات و غيرها وهي في الواقعة مخيفة للغاية. لماذا؟ لأنه و ببساطة جميعنا معروضين لأن نكون ضحية للسيطرة على ادمغتنا و التلاعب بها.
ان عملية حماية انفسنا من غسل الأدمغة صعبة للغاية و تكاد تكون مستحيلة لأنها تعني ابتعادنا عن كل ما قد يؤدي الى ذلك. فمثلا لو اردنا تجاهل الإعلانات ككل فالأمر سيكون صعب بل مستحيل, لأننا سنحتاج الى مشاهدة التلفاز من اخبار و غيرها بالإضافة الى تعاملنا مع الإنترنت في حياتنا اليومية يحتم علينا مشاهدة الإعلانات.
ولكن افضل أمر يمكنك فعله هو التوازن, حيث اذا لاحظت بأنه تم تزويدك بمعلومات معدلة و مشوهة و لاحظت ان الهدف منها هو التلاعب بأفكارك, فما عليك سوى ان تقوم بحمع معلومات اخرى مخالفة لها ومحاولة الوصول الى المعلومة الأكثر حيادية منها وذلك عن طريق مقارنتها مع بعضها البعض و قرر بنفسك كيف تشعر.
في النهاية ان السبب الرئيسي لحدوث مثل هذه الأمور لك هو العزلة, بمعنى ان استماعك الى طرف واحد دون استماعك و تعرضك للبدائل سيؤدي الى غسل دماغك و التحكم بآرائك و افكارك.
المراجع :
- كتاب Brain-Washing طبعة 1955.
- سلسلة مقالات بعنوان How Brainwashing Works على موقع howstuffworks.
0 التعليقات:
إرسال تعليق