
![]() |
يسمى الجزء النحاسي الذي يحمل الهلال (الجوسق) مجموعة من الجواسق النحاسية – القاهرة الإسلامية |
بالرجوع إلى المصادر التاريخية، سوف نجد أن أول وجود للهلالبين المسلمين، كان منقوشا العملات الفارسية، حيث كانت العملات الرسمية الشائعة في الجاهلية والصدر الأول للإسلام هي العملة الفارسية الفضية، والعملة البيزنطية الذهبية. حيث لم يكن للعرب والمسلمين عملة خاصة بهم، و بذلك فرضت النظم الاقتصادية و الأوضاع السائدة على المسلمين عملات تحتوي على رموز تخالف عقيدتهم. حيث لم يكن الاقتصاد الإسلامي الوليد يسمح بالتحرر من تبعية العملات الوثنية
وإذا كانت العملة البيزنطية منقوشا عليها الصليب، فإن الهلال كان منقوشا على العملة الفارسية، والتي كان محفورا على كلا وجهيها الشكل الهلالي وفي داخله النجمة الخماسية، هذا بخلاف أن أحد وجهيها عليه صورة مذبح النيران المقدسة عند المجوس، وعلى الوجه الآخر صورة أحد ملوكهم على رأسه تاج يعلوه الشعار المجوسي فارافاهار Faravahar أو فيروهار Ferohar شعار الديانة الزرادشتية يعتقد أنه يمثل Fravashi الروح الحارسة، وهذا الشعار سوف نتوقف عنده بالشرح حينما نتكلم عن مصدر ألوان العلم الإيراني.

![]() | ||
الشعارالمجوسي فارافاهار Faravahar أو فيروهار Ferohar شعار الديانة الزرادشتية يعتقدأنه يمثل Fravashi الروح الحارسة |
![]() |
درهممنقوش عليه (بسم الله) ضرب في عهد معاوية بن أبي سفيان (الدولةالأموية) |
![]() |
درهممنقوش عليه (لله الحمد) ضرب في عهد عبد الملك بن مروان (الدولةالأموية) |
![]() |
أول عملة إسلامية في عهد عبد الملك بن مروان
|
![]() |
مجموعة من العملات الأثرية عليها رمز الهلال قارنها بقرني العجل (أبيس) الإله الفرعوني
هذا دليل على أن الشكل الهلالي يمثل قرني ثور ورمز وثني ظهر قبل الإسلام . فالهلال رمز غير إسلامي
|
وأعزو السبب في تسرب الفنون الوثنية إلى المسلمين، أن جزيرة العرب لم تتمتع بالرفاهية المعمارية والمظاهر الحضارية على مدى العصور السابقة على الإسلام، فحياتهم كانت بدائية مقارنة بالحضارة الفارسية و الرومانية في زمانهم. وإنما الحرفيين كانوا من المقيمين في أرض الجزيرة، فصياغة الحلي الذهبية على سبيل المثال استأثر بها يهود الجزيرة، فقد كان العرب يترفعون عن العمل في الحرف اليدوية،بينما كانوا يعظمون من شأن العمل في التجارة. فلما دخل أهل الجزيرة في الإسلام،وانشغل المسلمون الجدد بالفتوحات لنشر الدين الجديد، فقد اعتمدوا على الحرفيين والصناع الداخلين في الإسلام من الأمم والبلاد التي يفتحونها، حيث فتحت عليهم الدنيا، وبدأ يظهر فن العمارة مع وفرة الغنائم وكثرة الانتصارات.
وحيث كان غير العرب من الداخلين الجدد في الدين أصحاب حرف وصناعات، ولم يتلقوا بعد كل تعاليم الدين الإسلامي، فكان من البديهي أن تظهر على أيديهم مزيج من التصاميم الفنية البديعة، التي تحمل سمة ثقافاتهم الدخيلة على ثقافة العرب، وبالتالي فمن الوارد أن بعضا من إنجازاتهم المعمارية والفنية تحوي زخارف لها دلالتها الوثنية كالشكل الهلال على سبيل المثال، لأن الرمز الهلالي عرف قبل الميلاد بحقب مديدة، وليس قبل الإسلام فحسب. وفي هذه المرحلة دخل في الإسلام من المجوس أصحاب حرف وصناعات مهرة، ومنهم كانوا منافقين مندسين من خلال التشيع لآل البيت، فاستغلوا انشغال المسلمين بالفتوحات الإسلامية، ليسربوا رموزهم الوثنية إلى العمارة في بلاد المسلمين.
ومن المؤسف أن تلك الرموز هي طلاسم سحرية، وليس الغرض منها الزينة فقط، لأن هذه الرموز نشأت كجزء من السحر المجوسي. لذلك لا نجد فنا يمكن أن نطلق عليه (فن إسلامي) بالمعنى الدقيق للكلمة، والتي تعني أنه فن يمثل دين الإسلام، خاصة معالم جاهدين الزاهدين في متاع الدنيا الزائلة، ولكن الفن الإسلامي في حقيقته هو نتاج فنون حضارات مختلفة صهرت في بوتقة ثقافة المسلمين، فنسب هذا المزيج إلى الإسلام،وذلك تبعا لمن قام بتنفيذه من المسلمين الجدد
![]() |
تاج لأحدملوك فارس يتوسطه قرني الثور المجوسي على شكل هلال مثل هذا الرمز ينقلهالحرفيين بصفته عنصر جمالي لا كرمز ديني .. ولكنه تحول بمرور الزمن إلى رمز إسلاميوالدين منه براء |
وبسبب غزارة الآثار المرتبة بالشكل الهلالي، ولفوضى شيوع هذا الرمز، فإنه صار من المستحيل تحديد نشأته تاريخيا، وتتبع مراحل تطوره، وأمامهذه المعضلة الكبيرة، وجدت نفسي مضطرا لحسم المسألة، فكان ولا بد من تناول الهلال من زاوية مختلفة، وهي أن الأصل في الإسلام أنه لا يتخذ شعارات ولا رموز دينية، إذا فرمز الهلال مصدره خارج الدين الإسلامي، وبهذا تحسم القضية من جهة أن الهلال لاعلاقة له بالدين الإسلامي، وعلينا البحث إذن عن كيفية دخول الهلال على المسلمين.
ومن هنا بدأت في البحث عن الهلال في العقائد والملل الأخرى، والتي تبنت الشكل الهلالي رمزا لها، ثم عكفت على دراسة دلالات الشكل الهلالي ودلالاته، فوجدت هي نحصر في دلالتين، فحسب أقوال الأثريين؛ فالشكل الهلالي المشابه لأحد مراحل نمو القمر، كان أحيانا يرمز لآلهة القمر، وغالبا كان الشكل الهلالي يشير إلى قرني الثور، كرمز للقربان المقدس للإله ميثرا Mithras الذي كان في الأصل إلها للشمس باسممترا Mitra. فمسألة تقديم القرابين وقبولها ورفضها، بدأت تشغل الإنسان منذ صراعالشهير بين ابني آدم عليه السلام، قال تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [المائدة: 27]. ومن هنا كان قبول القربان قد شغل اهتمام الإنسان الأول
الشكل الهلالي رمز مجوسي لقرني الإله الثور“هوما“:
ما يعنينا في مصدر الهلال كونه إشارة مختصرة لقرني الثور، وهو يرمز إلى :(التعميد بدماء الثور Taurobolium الذي يجلب حياة أبدية في الأساطير الرومانية، وكان الفرس يعبدون الثور الذي مات ثم بعث حيا، ووهب الجنس البشري دمه ليسبغ عليه نعمة الخلود وسموه “هوما”).
ففي ص 190 الهامش في كتاب الفنديداد (نقلا عن البيروني). لما قتل (اهرمن) الثور (افك – دات) نبت من الأرض من النطفة التي خرجت من اله الثور خمسة و خمسون نوعا من الحبوب واثنا عشر نوعا من النباتات الشافية والنور والجمال اللذان كانا في نطفة الثور مودعين في القمر. ومن هذه النطفة التي طهرها (نور القمر) وسواها ظهرت الحياة فحصل زوجان ذكر وانثى ثم جمع الانواع منها مائتان وثمانون نوع على وجه الارض وما الهلال الا قرن الثور الذي يجر القمر، قرناه ذهب ورجلاه فضة وهو من نور.
وهكذا يجدر بنا القول: بأن الميثرائية هي ديانة ذكورية أهم طقوسها هي، تقديس الضياء، والنار، والنور، والتضحية بالثور المقدس (هوما) فياليوم الذي يصادف ميلاد هذا الإله الماغي الأسمى، وهو نفس اليوم الذي اتخذ فيما بعدعيداً لميلاد السيد المسيح، ولكن ليس قبل مضي أربعمائة عام على ولادته، وذلك حينما أقرت الك نيسة ذلك، وهذه إحدى الدلالت الثابتة تاريخياً على تأثيرات ميثرائية على الديانة المسيحية- كما سنرى ذلك لاحقاً- فالتضحية بالثور تقليد يرمز إلى انتصارآلهة الشمس الذكورية على آلهة الأم الكبرى القمرية التي كان رأس الثور أحد رموزها الأساسية، أي في الوقت الذي بدأ فيه الإنسان يدخل مرحلة الزراعة والإستقرار وظهور المجتمعات الأبوية(البطريركية) وحلولها محل المجتمعات الأمومية(الماتريهالنية).
![]() |
مذبح سريتحت الأرض لعبادة الإله مثرا في الحضارة اليونانية
|
والمتتبع لعلم الأساطير سيكتشف أن التعميد بدماء الثور المؤله كان قربانا لإله آخر يسمى الإله(ميثراMithras) إله الحرارة والحياة والخصوبة في الأساطير الفارسية، وهو الوسيط بين الالهة والناس، والمساعد الأول للإله الخير “أهورا مزدا” في حربه ضد الروح الشرير أهرمان.
وفي الفترة فيما بين 1400 ق.م حتى 400 ميلادية كان الفرس، والهنود، والرومان واليونان جميعا يعبدونا لإله ممثرا الذي ربما كان في الأصل إلها للشمس باسم مترا Mitra الذي يذكر فعلا في الريج فيدا الهندية. وخلال الفترة الرومانية انقلبت عبادة مترا إلى ديانة سرية. فعبده الجنود وموظفوا الإمبراطورية في روما.
ويبدو أن “مثرا” الإله الآري الأصل، كان يعبد في غيران كإله للعقود و الاتفاقيات، وكلمة مترا تعني فعلا العقد أو الاتفاق. ويوصف بأنه محارب محارب قوي جبار، فهو الذي يتعبد له المحاربون وهم على ظهور جيادهم قبل ذهابهم إلى المعركة. وبوصفه حارسا للحقيقة فهو قاضي الأرواح بعد الموت.
وبوصفه الحافظ للعقود والاتفاقات والعهود فهو الذي يحدد متى تنتهي فترة حكم الشيطان. وينتظر قدومه (وسط مظاهر الخوف والذل) في أيام النصر.
وكان مثرا إلاها شعبيا هاما في تاريخ إيران، وكان الملوك يتضرعون إليه في النقوش التي بقيت لهم. كما كانت الملوك والعامة يركبون أسماءهم من اسم مثرا مثل (مثرادئيس) وهو لا يزال يشغل مكانا هاما في الطقوس الزرادشتية
![]() |
رأس عامود مذبح النيران المقدس عند المجوس يعلوه ثورين جالسين .. لاحظ القرنين (المتحف الإيراني(
|
ولقد لاحظ عالم النفس كارل ونج جوانب الشبه بين ديانة مثرا والديانة المسيحية ويقول إن ذبح مثرا للثور هو أساسا تضحية بالنفس مادامالثور، هو الثور العالم الذي يتحد في النهاية مع مثرا نفسه، كما لاحظ ترتليان منقبل أن الديانة الوثنية تحتوي على العماد كما يقوم الكهنة باستخدام الخبز والخمر والماء، مما يجعل هناك أوجه شبه بين ديانة مثرا والديانة المسيحية. كما لاحظ المفكرالفرنسي رينان في القرن التاسع عشر أن نمو المسيحية لو كان توقف لعبد العالم كله ديانة مثرا.
وديانة مثرا، قمعها الإمبراطور قسطنطين بعد اعتناقه المسيحية و كانت المسيحية قد استقرت في روما. وإن كان الزراديشتيون لا يزالون يعبدون مثرا فييومنا الراهن على أنه إله.
![]() |
رأس عجل ذهبي لقيثارة من حضارة العراق القديمة تدل على امتداد عبادة الثور في المنطقة .. لاحظ قرني الثور (المتحف العراقي)
|
ارتبطت المذابح القربانية بديانة اليمن العتيقة، عبد الشمس، والقمر والإلهة الزهرة والتي هي وفيرة في المتحف الوطني. اكتشف الحرس الوطني مؤخرا سبعة أثارات هامة، تتضمن عدة طاولا تذبح
كلا من المناضد استخدمت أثناء الشعائر الدينية في المعابد اليمينية لعتيقة لنحر الأضحيات. فضلا عن تقديم الماء والحليب محاولة للاقتراب أكثر من الربأ و الربات.
![]() |
أحد الآلهة الفرعونية يعلوها قرنين كبيرين
|
الطقوس المرتبطة بذبح القرابين كانت مهمة في حياة اليمنيين القدماء حتى قبل العهد الإسلامي لأن المتعبدين يستطيعون التقرب لآلهتهم ورباتهم من خلال المذبح. يشير عبد الجليل إلى أن مثل المذابح الجصية والرخامية كانت مستطيلة .
جزء من مذبح حيث يبدي رمز القمر. استخدمت هذه المذابح لتقريب تضحيات حيوانية للشمس والقمر حتى يسترضوهم وليتخلصوا من غضب الأرباب والربات. صورها: إبراهيم الحداد
نعزو إلى حيازة متحف واحدة كنموذج لحياة اليمني القديم. هي عبارة عن مستطيل مصنوع من الرخام ذات عمق 5 سم ومقدمتها يشكلانرأس ثور. المنضدة، التي كرست لربة القمر، ذات نقوش ساحرة على الظهر. مواظبة الجلادون وأداء الشعائر الدينية في معابد اليمني القديم استخدمت الطاولة لذبحالأضحيات.
الآثار المكتشفة مؤخرا والمستطيل والمذابح المربعة الشكل ذاتقواعد ملساء. واحدة مثل طاولة ذات نقوش متعددة على الظهر استخدمت لذبح الأضاحي. يكون على جانب واحد رأس ثور، الذي يعتقد عدة باحثين أنه رمزا لآلهة القمر في ديانة اليمني القديم لأن قرون الثور هلالي الشكل، الذي هو أحد أطوار القمر.
اتخذ النحاتون قوة الثور رمزا للخصوبة.
وفقا لعبد الجليل، مثل هذه الآثار وجدت فيالحضارات المصرية، على وجه الخصوص كالثور مصور في العديد من اللوحات والتماثيل. بنفس الطريقة، الحضارة العراقية القديمة عرضت مجموعة من الدمى للثور، التي مثلتإلهة الخصوبة.
بسبب أهمية الثور كرمز هام في الديانة اليمنية القديمة، احتوت البيوت اليمنية على العديد من التحف البرنزية، المتوفرة الآن في المتحف الوطني.
تبرز هذه الآثار نقوشات على أربعة جوانب، بينما في أعلى جانب واحد يكون 19 سم شكل أخدود طويل مثل رأس ثور. المذابح ذات قواعد ملساء، متسعة من الأسفل وضيقة من القمة، وعادة مغروزة في الأرض لتثبيت المنضدة.
مجموعة من القطع الأثرية تعود إلى ما قبل التاريخ تثبت أن الهلال عرف كرمز وثني قبل الإسلام مما ينفي كونه رمز إسلامي بشكل قطعي

يبدو الهلال على هيئة قرني ثور بشكل واضح أعلى الجوسق فوق قبة المسجد النبوي
![]() |
بحث الكاتب : بهاء الدين شلبي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق